ميسي يواصل عزفه للسلم الموسيقي مع البرشا - أرشيف لم يكن عزفا منفردا كما جرت عادة السيمفونيات، بل هو عزف جماعي مارسه أبناء «كتالونيا»، وأثمر عن مقطوعتين رياضيتين على سلّم الموسيقار الرياضي الساحر والمبدع «ميسي»، والأوركسترالي الواعد «بيدرو»، كل هذا كان على مسرح «سانتياغو برنابيو» العاصمة التاريخية لكرة القدم في «مدريد».
كالعادة جدد برشلونة فوزه على غريمه التقليدي ريال مدريد «كان يا مكان في جديد الزمان» بهدفين دون ردّ، ليحسموا الكلاسيكو لمصلحتهم بالقلم والمسطرة، كما خطط لها المدرب الداهية الطموح غوارديولا، وحارسه المتألق الدولي فيكتور فالديس، وأمامه خط دفاع إسمنتي «ما يغشمر» بقيادة المقاتل الشرس بويول، وأمامه البرج بيكيه والظهير المشاكس ألفيش وزميلاه ماكسويل وميليتو، بقيادة دكتور خط الوسط تشافي الذي خطف الأضواء بتحركاته الماكرة وتمريراته التي تدرّس في المعاهد، وساعده على ذلك زميلاه كيتا وبوسكيتس.
وبلا منازع نجح الساحر ميسي في أداء دوره، وسجل هدفا في مرمى كاسياس، وظهر الموهوب بيدرو بمستوى مميز، وسجل الهدف الثاني بتمريرة من الدكتور تشافي.
نجوم البارشا عزفوا المتعة الكروية في معقل المدريديين، وسط حالة من الرعب والخوف من مدرب ريال مدريد بيلغريني، حتى الجماهير الملكية كانت متخوفة من تكرار كارثة الموسم الماضي عندما فاز البرشا 6/2.
لقد عزف ميسي وزملاؤه السلّم الموسيقي في عقر دار النادي الملكي وأمام جماهيره «دو ري مي (فا صول لا) سي»، وأعلنت المواهب في برشلونة أن الفلوس ليست كل شيء في كرة القدم، وجماهير البرشا صفقت كثيرا لمدرسة تدريب برشلونة للناشئين «لا ماسيا»، التي قدمت الجواهر «تشافي وميسي وبويول وبيكيه وبيدرو وإنييستا وفالديس»، وباستطاعة أي مدرب قيادة هؤلاء إلى الفوز بالبطولات، طالما تخرج هؤلاء في هذه الأكاديمية الرياضية التي تخدم نادي برشلونة، وتقدّم لكرة القدم العالمية المزيد من النجوم على الكرة الأرضية.
أداء برشلونة كالقصيدة الموزونة، وهناك أكثر من شاعر باستطاعته أن يستقطب الحضور وينال الإعجاب والثناء، وفي المقابل ريال مدريد، وعلى الرغم من أنه يعتبر مؤسسة رياضية كبرى، لكن إستراتيجيته تبدو خاطئة، لديه المال والكوادر الإدارية والجماهير والتاريخ، ولكن الإدارة عاجزة عن تحقيق أي بطولة، وهناك فرق بين ناد يشتري لاعبين بالملايين وناد آخر يصنع نجوما بالملايين.
ميزانية النادي الملكي 420 مليون يورو، وأنفق هذا الموسم على شراء رونالدو وكاكا وألونسو وبنزيمة وألبيول وراتب مدربه بيلغريني حوالي 250 مليون يورو.
وعلى الرغم من هذا الإسراف والبذخ فإن الجماهير لن تنسى خسارة الملكي أمام فريق الدرجة الثالثة كوركون برباعية نظيفة في الكأس، وقبلها عجز النادي الملكي أربع مرات متتالية عن إحراج البرشا، حتى لو كان ذلك في سانتياغو برنابيو، وثقل ال6-2 على نفوس الملكيين.
خرجت الجماهير الملكية بعد المباراة حزينة على حالة فريقها الذي لا يسرّ صديقا، حتى رونالدو كان وضعه يبكي بعد أن رفع الراية البيضاء، واستسلم للعملاق بيكيه الذي وضعه ب «جيبه» وقطع النور والكهرباء عن صاحب ال 135 مليون دولار، وفي المقابل كلما زاد الصراخ تيقنت أن الساحر ميسي يقود هجمة نحو المرمى، ولا يمكن أن تمضي تحركاته وسط الهدوء.
أخيراً.. برشلونة يبقى لونه زاهياً، وعشاقه كثراً، وهو الأمتع والأقوى والأفضل والأروع و«الأربع».. ولكن على البرشلونيين أن «يرحموا قوم عزيز ذل».
" رئيس القسم الرياضي بصحيفة أوان الكويتية "